اليوم حبيت نحكيلكم على ازمة الرجولة

اليوم حبيت نحكيلكم على ازمة الرجولة

 يمكن سمعتوا من عند الناس اللي تعرفوهم او في التلفزيون و الراديو او حتى في مواقع التواصل الاجتماعي انه الرجولة راحت و النساء طغاو على كل شيء و هدا خلى الرجال ولاو ما يعرفوش كيفاش يعيشو رجولتهم و كيلي الرجل تأنث و ولى مخصي و وصلنا حتى نقولو انه خلاصوا الرجال في زماننا و هدا على جال النساء و النسوية الي تقمع في الرجال. واليوم حبيت نفكرو مع بعض في كامل هدا الخطابات والحجج اللي يقدمها الذكوريين حتى نتأكدوا ادا هذا الشي صحيح.

ماشي من اليوم ولاو الرجال مقلقين على بلاصتهم في المجتمع، نقدرو نرجعو بالتاريخ حتى لوقت الرومان وين كان ما يعجبهمش الحال كي يشوفو نساء يلبسوا لباس الجنود و يركبو الخيول باش يشاركو في الحرب و هدا الشي كان يقلق الرجال سواء في الأماكن العامة و الأماكن الخاصة: الدار مثلا. خلينا نبداو بتعريف باش نفرقو ما بين الرجولة والذكورية باش تتوضحلنا المفاهيم. الرجولة هي تعبير الفرد على روحو بأنه راجل يعني راح يتمثل هذا في الهيئة ديالو كرجل من حيث الملامح الجسدية والصوت وطريقة الكلام وغيرها من الصفات.

اما الذكورية هي تتعلق اكثر بالتصرفات و السلوكات الي تجي من عند الراجل او المرأة. المجتمع الذكوري يخلط ما بين المفهومين و تولي الذكورية و الرجولة هي نفس الشيء. و بسبب هذا الخلط، ولى الراجل لازم تثبت رجولته وين يوجد ما يسمى بطقوس تمرير الرجولة وين يجوز من رتبة ولد الى رتبة رجل و أحيانا تكون طقوس خطيرة و تقدر توصل حتى الموت مثل المجازفة او المخاطرة. و الرجال لازم يقولو عليه “انت راجل” على خاطر كي تولي ماشي راجل راح تولي مباح من طرف المجتمع و على ذلك راح يسمحو لانفسهم بالتعدي عليه و التعدي على كامل الناس اللي عندهم علاقة به. وهدا الشيء راه ينطبق حتى على المرأة اللي لازم تثبت أنوثتها في المجتمع الذكوري و عليها كاين السيطرة على النساء اللي يسترجلو و الرجال اللي يتأنثوا.

النظام الذكوري هو نظام يتمشى غير بالمنافسة يعني ما يكفيش انه يحط الرجل عكس المرأة ويسميها الجنس المعاكس انما باش تكون راجل لازم تكون خير من المرأة. راح يعطي المجتمع صفات اللي تضمن باش يكون الرجل احسن من المرأة و في الدرجة الأولى راح تكون مركزة حول القوة العضلية و البنية الجسدية لازم يكون شجاع و البطل المحارب و في الدرجة الثانية راح يربط الرجولة بالسيطرة يعني الذكر هو اللي يحكم في الدار، يحكم في العائلة، الرجولة هي تحكم في أمور الأسرية و كيفاش يترباو الأطفال. يحكم في المحيط ديالو و قد ما يكبر مستوى السيطرة ديالو قد ما يكون مستوى الرجولة ديالو عالي.  

السيطرة و حب السلطة ما راهي برك في الايطار الأسري او الاجتماعي فقط انما الرجولة راح تكون تاني في الميدان الاقتصادي، راح نربيو الراجل على أساس ان عيبو في جيبو، و بالتالي راح تولي بعض مناصب العمل اللي فيها الدارهم و اللي تخلق ثروة مادية اللي تتسمى “خدمة تاع الرجال” واللي فيها الفوائد المالية، الأجر العالي  و في المقابل يتحكم الرجال في قرارات النساء. وكي امراة تخدم في القضاء، السياسة نشوفوها بعين احتقار و اول امرأة خدمت طبيبة كانوا يشوفوها على أساس انها المرأة اللي خدات مكان الرجل ماشي راهي تخدم في خدمتها، و في أغلب الأحيان  ادا صحتلها خدمة ما راحش تكون منصب سلطة او ميدان فيه بزاف دراهم غير اذا قاومت و كافحت بزاف باش توصل لهاد المنصب.

و في الأخير، المحور الاجتماعي و المحور الاقتصادي راح يأثرو على المحور السياسي و بالتالي راح يكون هناك عدم توازن في الحقوق وين راه الذكر عندو حقوق اكثر من المرأة داخل النظام الذكوري.

كما قلنا سابقا ان المنافسة هي عصب النظام الذكوري على خاطر ما يكفيش انه يحط الرجال و النساء في منافسة على السلطة انما يزيد يحط المنافسة بين الرجال يعني كاين بعض الرجال احسن من رجال اخرين مثلا الرجل المرفه خير من الراجل الفقير، الرجل الأبيض خير من الرجل الأسود، الرجل اللي عندو العضلات خير من الراجل الرقيق و قد ما يكون عندك امتيازات قد ما تطلع في هرم الرجولة كما تصنفه المفكرة الاسترالية راوين كونيل (Raewyn Connell ) اللي تقسم الرجولة الى اربع أنواع:

الرجولة المهيمنة: تخص الرجال اللي عندهم كل الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية واللي يمثلو فئة قليلة من الرجال انهم يتمتعو بكل الامتيازات. هدا النوع من الرجال راح تلقاه عندو الدراهم، ابيض البشرة، متزوج، عنده دراري، يخدم في منصب سلطة، و أحيانا الديانة تقدر يكون عندها دور، يعيش في دول المتقدمة.

الرجولة المتواطئة: هدو جماعة من الرجال اللي يحاولو باش يكونوا من ذوي الرجولة المهيمنة لكن ما يقدروش وهم اللي يتمسكوا الأكثر في النظام الذكوري لانهم طامعين انه يوصلو للرجولة المهيمنة و يتمتعوا بالامتيازات. هذه الفئة من الرجال هما اللي يتكاو عليهم أصحاب الرجولة المهيمنة و اذا حاولو يبعدوا او يكسروا رابط راح يتهموهم بالخيانة (انت راجل و تخون الرجال).

 الرجولة الخاضعة: هم الرجال اللي مسيطرين عليهم والرجال اللي محطوطين كنمودج تاع الراجل اللي ما يليقش، يعني هم رجال بصح بالاك تكون كما هم. مثال : الرجال المثليين.

الرجولة المهمشة: تخص الرجال اللي جاو من فئات عرقية او اجتماعية أخرى، مثال: الرجال السود وين يقدرو يكونو ينطبقوا على الرجولة المهيمنة لكن الفئة اللي جاو منها ما تعطيلهم حتى سلطة.

 هكدا تخلق الهرمية بين الرجال وبن رجال خير من رجال والرجال اللي في تحت راح يتلقاو عنف ولا يحتقروهم وهدا العنف راح ينتقل الى النساء اللي يكونو تحت سلطة هذوك الرجال. قد ما يطلع رجل في هرم الذكورية قد ما يولو عندو امتيازات اللي يزيدو في السلطة ديالو، وهدا راح يستغلو في جدب عدد اكبر من النساء، يعني انه يريد الرجال جلب اجمل النساء و افضلهن، ماشي على خاطر النساء لذاتهن بصح راح يستغل النساء باش يتقرب من الرجال الاخرين و يحطوا رواهم في قمة الهرم الاجتماعي. كل هذا الشي باش نوصلو الى فكرة في اسفل الهرم الاجتماعي كاين النساء اللي هما في خدمة الرجال و الرجال في ادنى السلم يخدمون الرجال اللي في اعلى السلم و هدو راهم قلال و يسيطرو على كل المجتمع و نقدرو نوصلو حتى للسيطرة على العالم .

من السهل ان نبررو للذكورية و نقولو حتى عند الحيوانات الذكر يسيطر على الأنثى و لكن حتى العنف موجود لدى الحيوانات اذا موجود في الطبيعة يعني هذي حاجة مليحة وما نقدروش نبدلو أي شي في الحياة. السيطرة و حب السلطة عند الرجال راهي تنشئة اجتماعية و اللي تطورت من بعد و أصبحت مواقف سياسية ما راهي لا من بيولوجية الرجال ولا من نفسية الرجال انما هدا الشيء راه سياسي و ثقافي و اللي اصبح بديهي. الرجولة و الانوثة  ما راهيش مجرد وظائف اجتماعية او حالة نفسية و فقط انما راهي علاقات سياسية و التي تعطي بعض الحقوق و بعض الامتيازات للذكور بمجرد طبيعتهم كذكور. هدا راح يعطي بعض الرجال امتيازات اجتماعية باش يخيرو الخدمة اللي يحبوها، يخرجو و يدخلو وقت ما حبو، التنقل وين ما حبو و حتى في الجنسانية ديالهم وين الرجال عندهم حرية اكثر من النساء.

الرجولة ما راهيش في أزمة انما الرجل هو من يخلق الأزمة باش يعاود يرجع لسلطة و الامتيازات اللي بدا يفقدها يمكن نقولو ان الرجال هم من يتملكون السلطة في المجتمع الذكوري انما داخل جماعات الرجال هناك رجال عندهم السلطة على رجال اخرين اذا الرجال ضحايا الرجال أولا لانهم هم صناع القوانين و يشدو موازين القوى هدا هو فخ الرجولة اللي يحكي عليه بيار بورديو. الازمة الحقيقة ما راهيش في كيفاش يعبرو الرجال على رجولتهم انما راهي في المعايير الجتماعية للذكورة و الانوثة اللي تخلي السلطة بين يدين فئة قيلة من الرجال. و في الأخير المعاير الاجتماعية ما تختفيش انما تتغيرو نقدرو نغيروها نحو السلطة التشاركية اللي تضمن المساواة بين كل افراد المجتمع.

عيسى أمازيغ, طبيب نفسي ومختص في النوع الإجتماعي

Publications similaires